منع الاحتفال بعيد المعلم.. قيود جديدة تطول المدارس والجامعات في أفغانستان

منع الاحتفال بعيد المعلم.. قيود جديدة تطول المدارس والجامعات في أفغانستان
التعليم في أفغانستان - أرشيف

يحلّ عيد المعلم هذا العام في أفغانستان وسط أجواء من الخوف والرقابة والتضييق، بعدما منعت حركة طالبان أي مظهر من مظاهر الاحتفال بالمناسبة التي تُكرَّم فيها جهود المربين في شتى أنحاء العالم. 

فقد أطلقت وزارة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" قبل أسبوع من اليوم حملة واسعة في الأسواق والمساجد لتحذير السكان من الاحتفال، معتبرةً أن هذا اليوم يمثل "بدعة وإثماً"، وأرسلت في يوم المناسبة مندوبين إلى المدارس والجامعات لمراقبة أي محاولات سرية لإحياء اليوم أو التعبير عن التقدير للمعلمين، بحسب ما ذكرت وكالة لوكالة "JINHA"، اليوم الاثنين.

يُعدّ المعلمون في أفغانستان من أكثر الفئات تهميشاً في المجتمع، رغم مكانتهم المعنوية في ثقافات الشعوب الأخرى، فمعظمهم يتقاضون رواتب زهيدة لا تكفي لتأمين أساسيات الحياة، فيما تُشجّع بعض الأسر النساء على العمل في التدريس باعتباره عملاً "آمناً وسهلاً"، لا سيما في ظل القيود المفروضة على عمل المرأة منذ عودة طالبان إلى الحكم عام 2021.

وتزداد المعاناة اليومية مع استمرار الانهيار الاقتصادي وحرمان آلاف الأطفال من التعليم، حيث تتحول المدارس إلى ساحات للرقابة الدينية أكثر من كونها مؤسسات تعليمية. 

وشهدت الأيام الأخيرة قرارات جديدة من السلطات تضمنت منع الطلاب الجامعيين من استخدام الهواتف المحمولة، وإلزام المدارس بإضافة مواد دينية وعربية إلى المناهج، إلى جانب إجبار المعلمات على ارتداء زي أسود بالكامل والمشاركة يومياً في جلسات "تعليم ديني" تستمر لساعة كاملة.

قصص من القهر اليومي

روت جنات وليد، وهي طالبة في الصف الثالث، بحزن أنها كانت تتمنى تقديم هدية بسيطة لمعلمتها التي تحبها، لكن والدتها تلقت اتصالاً من إدارة المدرسة قبل يومين يمنع إحضار أي هدايا أو مظاهر احتفال. تقول جنات: "كنت أريد أن أقول لمعلمتي شكراً، لكنها أخبرتني أنه لا يمكننا فعل ذلك هذا العام".

أما ليلى وحيد، طالبة الصف السادس، فقد عبّرت عن إحباطها قائلة: "يبذل معلمونا جهداً كبيراً لتعليمنا القراءة والكتابة.. نحن نريد فقط يوماً واحداً لنشكرهم، لكنهم لا يسمحون لنا بذلك. والأسوأ أنني لن أستطيع مواصلة دراستي العام المقبل لأنهم سيمنعون الفتيات من التعليم الثانوي".

ومن جانبها، انتقدت خالدة ضياء، وهي معلمة في إحدى مدارس كابول، موقف السلطات، قائلة: "من المثير للسخرية أن طالبان تدّعي الدفاع عن الإسلام والشريعة، بينما كان النبي محمد نفسه معلماً ومربياً للأمة"، وتساءلت: "كيف يمكنهم وصف الاحتفال بيوم المعلم بأنه عمل كفري؟".

وأضافت: “نحن لا نطلب من طلابنا هدايا. كل ما نريده هو السماح لهم بالتعبير عن الامتنان يوماً واحداً في السنة. هذا اليوم ليس احتفالاً دنيوياً، بل رسالة تقدير للعلم والمعرفة”.

التعليم تحت القمع

تحوّل عيد المعلم في أفغانستان من مناسبة لتكريم روّاد التعليم إلى رمزٍ للقهر والقيود المفروضة على المدارس والجامعات، فبدلاً من تعزيز قيم العلم والمعرفة، تُصرّ طالبان على إغلاق مساحات التعبير والتقدير، لتصبح المدارس أماكن يخيم عليها الخوف بدلاً من الأمل.

ويرى مراقبون أن هذه السياسات تمثل ضربة قاسية لقطاع التعليم الذي يعاني أساساً من نقص الكوادر والتجهيزات، وتُهدد مستقبل جيلٍ كامل من الأطفال، خصوصاً الفتيات اللاتي يُحرمن من التعليم الثانوي والجامعي منذ أكثر من ثلاث سنوات.

بتقييدها التعليم وحرمانها الأطفال والمعلمين من أبسط أشكال التقدير، تُكرّس طالبان سياسة العزلة الفكرية والاجتماعية، في وقت تحتاج فيه البلاد بشدة إلى استثمار في العقول لا قمعها. 

الغرق في الفقر والجهل

ويُحذّر ناشطون حقوقيون من أن استمرار هذه السياسات سيُبقي أفغانستان غارقة في دائرة الفقر والجهل والتطرف، بينما يُغلق باب الأمل أمام جيلٍ كامل من البنات والأولاد الذين كان من المفترض أن يكونوا بناة مستقبل البلاد.

في أفغانستان اليوم، لم يعد يوم المعلم يوماً للوفاء والتقدير، بل أصبح يوماً للغياب الإجباري والوجع الصامت، حيث يُمنع الحب كما يُمنع الحلم، وتُدفن الكلمة في زمنٍ يخاف فيه الناس من مجرد قول "شكراً معلمي".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية